الخطأ القاتل لمُحافظ البنك المركزي




حمدي الشامي يكتب لـ حق الوطن:

البنك المركزي
معالي مُحافظ البنك المركزي
السيد/ طارق عامر .

التاريخ القريب لإنخفاض قيمة الجنية مُقابل الدولار

الجميع يعلم قرار تعويم العُملة الشهير فترة تولي د. عاطف عبيد المسئولية (في 2003), الأمر الذي رفع قيمة الدولار مُقابل الجنية المصري لما بين 5.35 و 6.5 تقريباً - بالارتفاع التدريجي - ووقتها ثار عالم الخبراء الإقتصاديين شجباً, ورغم ذلك لم يتم عدم التراجع عن القرار, حيث تم تعريف ذلك وقتها بمدى الإرتباط بين القوة الإقتصادية في الدولة وبين قيمة العُملة, ذلك بجانب العوامل الأخرى الجاذبة للإستثمار وتشجيع الصادرات. لكن ما سبق يُكذب تصاريح الوقت الحاضر المُختلفة (وبأشكالها - رسمية كانت أم غير رسيمة), إذ أن الإقتصاد الأميريكي في عام 2004 كان مديون بمقدار 7 تريليون دولار, والإقتصاد المصري في عام 2004 كان مديون تقريباً بمقدار 112.8 مليار دولار أما في الوقت الحالي الإقتصاد الأميريكي مديون تقريباً بمقدار 17 تريليون دولار, والإقتصاد المصري مديون تقريباً بمقدار 357 مليار دولار, وهو ما يؤكد أن أزمة إنخفاض قيمة الجنية المصري غير مُرتبطة بقوة الإقتصاد فقط. وإنما بالإعتماد على قانون العرض والطلب (التعويم). ويُمكن إستنتاج الأرقام السابقة في علاقة رياضية كالآتي:
نسبة زيادة الدين العام الأميريكي من 2004 الى الآن تقريباً 243%
نسبة زيادة الدين العام المصري من 2004 الى الآن تقريباً 319%
وتبعاً لقوة الإقتصاد (الجنية مُقابل الدولار) يجب أن تكون نسبة إنخفاض قيمة الجنية في تلك المُعادلة بمقدار 31% تقريباً.. أي أن الدولار يجب أن يساوي 7 جنيه مصري. أما الفارق الذي نراه الآن بين الـ 7 جنيهات والـ 10, 11, 12 جنيه سيتضح بقراءة التقرير للنهاية.

قانون العرض والطلب (حجم الصادرات)

العلاقة بين العرض والطلب وعلاقة ذلك بالأسعار (في ظل إزدياد الطلب على سلعة مُنخفضة أو ثابتة العرض, يزداد السعر), والسلعة هُنا هي الدولار, وبطبيعة الحال الإستيرادي يزداد الطلب على الدولار بشكل مُستمر في ظل ثبات أو (نمو بطئ) للمعروض من الصادرات, مما يؤدي إلى زيادة سعر الدولار.. وإعتمد مُحافظ البنك المركزي ومُستشاري وخُبراء وزارة المالية على هذا القانون وتلك الآلية في إطلاق العنان مرة وإثنتان لخفض قيمة الجنية, بجانب الأسباب التي تم التصريح بها من فترة (خلق بيئة جاذبة للإستثمار, وتشجيع الصادرات). وكانت الحُجة العلمية في ذلك القرار مُعتمدة وبشكل أساسي على تقديرات مُستقبلية لحجم موارد الدولار (من الصادرات) المتوقعة خلال الفترة القادمة, والتي أبرزها بدء تشغيل حقول الغاز المُكتشفة حديثاً, والبدء في تشكيل حيز ضخم للبيئة الانتاجية لا الاستهلاكية (والتواريخ مُتاحة في بعض مكاتب الجهات الحكومية).. ولكن السبب الذي لم يُصرح به الآن أن ذلك كان بتعليمات مٌباشرة من البنك الدولي (مع مُلاحظة تبعية البنك الدولي لأنظمة سياسية تتدخل في الشأن المصري وتتمنى إسقاطه, وسيتضح ذلك بالنقاط التالية من التقرير)

عوامل أخرى

لا شك أن بعض الأزمات المتباينة في الفترة الأخيرة كانت نتيجة مُباشرة لنُدرة الدولار, والأقرب للحقيقة هو أن هُناك كيانات فعلية تعمل على سحب الدولار من الأسواق المصرية لخلق تلك الأزمات وأزمات مشابهة, أهمها:
- التأثير على وصول بعض المنتجات العلاجية المستوردة, وارتباط ذلك بالسخط الشعبي. وهو أمر اتضح جلياً في بعض أنواع الأدوية والتي كان أبرزها "صبغة الإشاعة" لمرضى السرطان. وبعض أنواع الأدوية الكيمائية المُعقدة التركيب والتي يتم إستيرادها.
- التأثير على قطاع التصنيع بمنع وصول المواد المُكملة في العملية الصناعية, وإرتباط ذلك بمدى الإستقرار والنمو الإقتصادي.

ومن ذلك نستنتج أن الحكومة بالفعل لديها خُطة للتأثير على المعروض من الدولار في حيز تنمية البيئة الإستثمارية, والإنتاجية (وهو أمر صحيح نسبياً, ولكن غير دقيق بالمرة), ذلك لأن الطبيعي سيكون سعي الكيانات السابقة الذكر لزيادة سحب الدولار من السوق (لمواجهة زيادة المعروض بخفضه) - وهو الغرض من عملية التعويم التي الح عليها البنك الدولي في 2004 وفي الوقت الحالي في 2016, الهدف قد يكون تحويل عملية الإضرار بالإقتصاد المصري إلى تجارة ربحية عادية, (وهو الأمر الذي تسعى إليه بعض الصُحف والفضائيات من الترويج لسوق العملة الغير قانوني ونشر أسعاره على المواطنين في شكل ترويج وتوجيه - وذلك شئ طبيعي وعادي جداً في ظل إستخدام سياسة التعويم "العرض والطلب", والتي أتاحت سهولة التلاعب بالإقتصاد القومي-) في ظل غياب كامل لمؤسسة وزارة المالية! , وذلك بجانب آليات شيطانية أخرى, أبرزها:
- إستقطاب الأموال المحولة من العمالة المصرية بالخارج, عن طريق إستيراد سلع "أبرزها السيارات".. (وهذا الأمر يختلف عن عمليات الإستيراد السلعية المعروفة, ويستخدمه تُجار العُملة وبكثافة في الآونة الأخيرة - تُجار العُملة وليس المستوردين العاديين - ) ففي النهاية أصبح تاجر العُملة طرف على أقل تقدير.
- زيادة الإستهداف العقاري والسلعي لقطاعات "رجال الأعمال, الفنانين, السياسيين والحزبيين, المسئولين". 
- مُستقبلاً زيادة إستغلال السوق المصرية (كمثال شركات - فودافون, أورنج, اتصالات - لتوجيه أرباح مُحتملة) لإهلاك قدر من المعروض من الدولار.
* الأهم مما سبق هو إصرار مافيا تجارة الدولار, على توظيف الصُحف والفضائيات للترويج للسلعة "الدولار" خارج القطاع المصرفي, حتى وصلت الجُرأة إلى نشر فارق سعر تخطى 3 جنيهات عن السوق القانوني!, الأمر الذي يستدعي دراسة مُفصلة لمالكي وممولي تلك الصُحف والفضائيات, وعلاقاتهم المُختلفة والمُتشابكة مع كل من:
- مافيا السوق الغير قانونية لشراء وبيع الدولار (والذي تم ذكر الغرض منه سابقاً).
- الكيانات التي شكٌلت, وطورت مافيا السوق الغير قانونية لشراء وبيع الدولار.
- بالاضافة إلى طبيعة أعمالهم وأرصدتهم هُم شخصياً وخاصةً خارج مصر.

ويبقى السؤال المطروح خلف قرارات مُحافظ البنك المركزي, هل دراسات الجدوى الخاصة بتحكُم القطاعات الإقتصادية والإستثمارية في مصر مؤكدة, وتكفي سد الفجوة بين المعروض والمطلوب من الدولار؟

الكارثة أن الإجابة حتى لو كانت نعم, تبقى مجموعة عوامل أخرى تم ذكرها في النصف الأخير من التقرير (مع تطورها وتحديثها لمواجهة مجهودات مصر) ستؤثر بكل تأكيد على كافة مجهودات القطاع الإقتصادي والإستثماري لتوفير المعروض المناسب لحل الأزمة. (أي أن مُحافظ البنك المركزي في وادي, ووزير المالية في وادي, والواقع في وادي مُنفصل تماماً). وبإختصار شديد, الأمر أشبه بمعرفة جاني في وقوع جريمة مُحتملة, وتسعى المؤسسة لتأمين موقع الجريمة وعدم القبض على الجاني نفسه رغم معرفة نواياه, ومكانه, وأدلة إدانته.




التعليقات
0 التعليقات

ليست هناك تعليقات: