تقرير حمدي الشامي لـ حق الوطن:
![]() |
الرئيس التركي السابق رجب طيب أردوغان |
بدايةً يجب التأكيد على طبيعة الحروب القائمة (الجيل الخامس من الحروب) وبالتبعية إمكانية تطوير وتعديل بعض آلياتها بما يُحقق أغراضها..
والتي من أهم ركائزها بسط المُسميات والمصطلحات, مثل الكلمات الحالية في تركيا "تمثيلية, القضاء على المعارضة, الجيش الجبان, الشرطة أقوى من الجيش", والكلمات السابقة في مصر "فلول, ثروة مبارك, الجيش يقتل, الشرطة تقتل", بيد أن الأولى هدفها دعم النظام التركي الحالي, والثانية كان هدفها إجهاض وهدم النظام المصري السابق, وأيضاً يجب التأكيد على أن أردوغان "مريض" لا يتنازل عن الظهور بصورة القوي, فكيف يظهر على شاشات الفضائيات بهذا الشكل في موبايل, مما يدُل على أنه إنسان ضعيف لا يملك حتى الظهور بشكل قوي كالعادة التي يُحب أن يظهر عليها !!, ونعرض عليكم مجموعة وقائع مرتبطة بما يحدث في تركيا كنتاج طبيعي لإختيار الرئيس التركي الخوض في صراعات الجيل الخامس بأشكال عدة, وفي مناطق جغرافية مُختلفة ابرزها داخل الحدود السورية والليبية.
والتي من أهم ركائزها بسط المُسميات والمصطلحات, مثل الكلمات الحالية في تركيا "تمثيلية, القضاء على المعارضة, الجيش الجبان, الشرطة أقوى من الجيش", والكلمات السابقة في مصر "فلول, ثروة مبارك, الجيش يقتل, الشرطة تقتل", بيد أن الأولى هدفها دعم النظام التركي الحالي, والثانية كان هدفها إجهاض وهدم النظام المصري السابق, وأيضاً يجب التأكيد على أن أردوغان "مريض" لا يتنازل عن الظهور بصورة القوي, فكيف يظهر على شاشات الفضائيات بهذا الشكل في موبايل, مما يدُل على أنه إنسان ضعيف لا يملك حتى الظهور بشكل قوي كالعادة التي يُحب أن يظهر عليها !!, ونعرض عليكم مجموعة وقائع مرتبطة بما يحدث في تركيا كنتاج طبيعي لإختيار الرئيس التركي الخوض في صراعات الجيل الخامس بأشكال عدة, وفي مناطق جغرافية مُختلفة ابرزها داخل الحدود السورية والليبية.
أولاً معركة اليرموك نهاية الشهر الماضي في سوريا:
على مدار خمسة أعوام كان الجيش التركي صامت, حتى في خضم أزمة الإعتراض الشعبي على تصرفات النظام الحاكم, والتي كانت مُهينة للمواطن التركي, وحملت تطاولات وتعديات كثيرة على الأتراك في ميدان تقسيم, والتي راح ضحيتها بضع مواطنين في إشتباكات خطرة مع قوات الشرطة, وتلى ذلك بعض التفجيرات التي أصابت أماكن عدة في تركيا, وكان أبرزها تفجير مقر حزب العُمال الكردي التركي, والذي راح ضحيته العشرات, هذا بجانب مظاهرات حاشدة وعدة شملت مناطق مُختلفة من الأراضي التركية. بالاضافة إلى المواقف التركية الغير لائقة مع بعض الدول ومنها سوريا, مصر وبعض دول الاتحاد الأوروبي.
ولكن الجديد على الساحة التُركية, وإنخرط فيه الجيش التركي بشكل أو بآخر, بما يستدعي الاعتراض, والانقلاب على الرئيس التركي, هو معركة اليرموك التي تمت في منطقة جبلية داخل الأراضي السورية وعلى الحدود التُركية, حيث حسب التصريحات التي إنفرد بها موقع جريدة حق الوطن. قبل عدة أيام, إستطاعت القوات السورية ضحد هجوم إرهابي عنيف شنته مجموعات إرهابيه تحت مُمسمى "معركة اليرموك" مما أدى لسقوط أكثر من مائتي قتيل (أو فطيس) حسب المصدر, ولكن الأمر لم ينتهي هُنا, بل حسب التصريحات, هرب أضعاف هذا الرقم إلى الحدود التركية, وبعيداً عن التكهنات في تتبع الجيش السوري لهم والإحتكاك مع الجيش التركي بمناطق حدودية, إو إحتكاك القيادات السورية مع التركية حول الأمر, فإن منظومة الدفاع التي دشنتها روسيا على الحدود السورية دعماً للجيش السوري, بالتأكيد أثارت القلق داخل قيادات الجيش التركي, خاصةً بعد حادث إسقاط الطائرة الروسية الشهير, وتوعدات الرئيس فلاديمير بوتن الشهيرة.
ثانياً: عملية التشكيك في قرار الإنقلاب وإنحياز الجيش التركي لمكانة الشعب والدولة
في ذلك الصدد يُروج البعض, بتدخل أردوغان في السيناريو القائم, بأن هذا نتيجة رغبة أردوغان في توسيع سُلطاته, والقضاء على المُعارضة بشكل جذري وفوري, وأود أن أرد على هؤلاء بمجموعة حقائق يعلمها طلبة سنة أولى سياسة:
أ. كافة مُعارضات الدول على مستوى العالم ودون إستثناءات تُدعم من كيانات أخرى (بل بعضها يُدعم من نفس الدولة للتطويع), ويصعُب القضاء عليها حتى ولو "بتمثيلية خرافية كما يدُعي أنصار أردوغان والمُنخدعين فيهم".
ب. كافة مُعارضات الدول على مستوى العالم وإن أُتخذت في شكل فردي أحياناً, فإنها في الأغلب تأخذ شكل الكيان الموحد, والذي عادة يُمثل قطاع عريض من الدولة الواحدة, يتسع تأييده كلما زاد قمع الدولة له. وهذة الحقيقة ترُد على إدعاءات البعض أن أردوغان ينوي ذلك, في حين لا نظام سياسي يستطيع ذلك إلا بإبادة جماعية لمئات الالاف (في حال كان التعداد السكاني كثيف كما في تركيا).
جـ. كما ذكرنا في المُقدمة عن (طبيعة الجيل الخامس من الحروب), المُحرك الأساسي للأحداث يكون بالتحكُم في الإعلام, ودعم المعلومات التي تخدم مصالح مموليٌ الإعلام (حزب العدالة والتنمية في تلك الحالة), والغرض الأساسي والوحيد من دعم نظرية تخطيط أردوغان لكل هذا هو تثبيط هِمم الجنود للتراجع عن الاستمرار في الانقلاب, بعد إقناعهم أن هذا الإنقلاب يصُب في مصلحة أردوغان.
ثالثاً: إستخدام المخابرات التركية أساليب الجيل الخامس في الرد
جميعنا يعلم مدى الارتباط فيما بين النظام التركي وجماعة الإخوان, حتى أن القرضاوي في تصريح شهير له, جعل الملائكة تنفض عن رابعة وتذهب لدعم أردوغان, ولكن الأهم هو إيداع مُقارنة نصب عين القارئ, تتمثل في الصورة الذهنية للتوجيه الإعلامي, سواء إثارة للرأي العام الداخلي, أو صناعة ذريعة للتدخل الخارجي, وفي شأن جماعة الإخوان صور توثيقية تشهد على طريقة العمل كما يلي:
في الصور السابقة من ضمن عشرات الصور التي ظهرت في أوقات مُختلفة, أعضاء جماعة الإخوان "تُمثل" التعرض للضرب, لإستدعاء الرأي العام الخارجي, وإستعطاف الرأي العام الداخلي, ولكن بتسريب كواليس التصوير تم إحباط المحاولة بنجاح.
أما في موضوع الإنقلاب التُركي, وبرغم بديهية الأمر, لم يلتفت اليه أحد, وهو أن الصور التي تم نشرها وخاصةً على المواقع الصحفية العالمية والإقليمية, كان الغرض منها (تخويف) القطاعات العريضة في الجيش التركي, للحيلولة دون إستمرار الإنقلاب, وتأثيرة على الكيان الإخواني بتركيا.. ومن تلك الصور:
ويذهب الرأي الحكيم في ذلك إلى أن محدودية الأعداد بالصور التركية, تؤكد على عدة اشياء, أهمها:
1- لو أن الصور صحيحة, فإن النتيجة تكون بالضرورة عكسية, لأن طابع الانتقام, و رد الشرف, سيُسيطر على صفوف الجيش التركي, والسبب في ذلك أن جميع الصور أخذت مُنحنى (سيطرة الشرطة التركية) على (الجيش التركي), وهو أمر مُستحيل وغير عقلاني مع أي جيوش العالم.
2- لو أن الصور مُفبركة, كما كانت محاولات الإخوان في مصر من قبل, فإن الوضع المُذري سيزداد سوءً بكل تأكيد, نتيجة تأجيج مشاعر أفراد الجيش التركي, وهو أمر حتمي. ولو نجحت المحاولة في إحباط الإنقلاب نتيجة تلك الفبركة, ستبقى أسباب الإنقلاب قائمة بدون شك.
3- وجود مُعسكرات لتدريب الإرهابيين في تركيا, لدعم موقف الإرهابيين في سوريا وليبيا, يُعزز نظرية إستهداف بعض كمائن عملية الانقلاب, وبعض المباني الحساسة, ومنها مبنى قناة تي آر تي. وهو ما يؤكد إحتمالية صحة الصور, وتكثيف تسليط الضوء عليها لخلق نفس النتيجة في حال تزويرها, وذلك يأخذنا إلى محاولة الجيش التركي لإعادة السيطرة على تلك الأماكن, وهو ما يسترعي انتباه المُحللين في صعوبة عودة أردوغان لمكتبه في القصر الرئاسي بأنقرة إلى الآن.
رابعاً: ردود أفعال دولية على دراية واسعة بمجريات الأمور
1- المانيا: ذكرت صُحف عالمية عن مصادر المانية, رفض لجوء أردوغان إليها, وهو الأمر الذي ينفي تخطيط أردوغان لأي شئ, ويؤكد على مدى ضراوة الأحداث.
2- اميريكا: صُحف عالمية عن مصادر أميريكية, رفض أوباما لجوء أردوغان اميريكا, وهو الأمر الذي ينفي تخطيط أردوغان لأي شئ, بالإضافة إلى ما تلى ذلك من معلومات عن موافقة أوباما تخبئة أردوغان في القاعدة الأميريكية الموجودة على الأراضي التركية, والتي قام الجيش التركي بإغلاقها حسب التصريحات والأخبار اللاحقة تباعاً.
3- روسيا: صدرت تصريحات رسمية من روسيا, بإمكانية قبول لجوء أردوغان إليها, وهو الأمر الغريب نسبياً, فلا يستطيع النظام الروسي بأن يظهر بمظهر (المُنخدع بالتمثيلية الأردوغانية), ولا يستطيع الرئيس بوتن أن يظهر بالمظهر الضعيف إستخباراتياً, ذلك إذا اتضح لاحقاً أن الأمر مُجرد تمثيلية من أردوغان لتقويض والقضاء على المُعارضة.
4- مصر: إعتراض مصر على صياغة خطاب مجلس الأمن في جملة (النظام الحاكم المُنتخب ديمقراطياً), وطلب إستبدال الجُملة لعدم إختصاص عمل مجلس الأمن بشأن ديمقراطية إنتخاب الأنظمة الحاكمة من عدمه, يؤكد على أن الدول الأعضاء في مجلس الأمن أرادت إنهاء الموضوع بشكل قاطع لصالح أردوغان, إلا أن إعتراض السفير المصري, وطلب تعديل الجُملة, أدى إلى فتح السيناريوهات المُتعددة بشكل ملحوظ, وهو ما أدى لتجميد مجلس الأمن لإصدار الخطاب بشكل غريب, وإتهام مصر بأنها تُعرقل إصدار الخطاب رغم وضوح الموقف المصري !.
ومن كل ردود الأفعال السابقة, يتضح جلياً أن خيوط اللُعبة ليست بيد الرئيس التركي, ولم تكن بيده في أي وقت من الأوقات, لاسيما لجوءه لـ قاعدة عسكرية أميريكية حسب الأنباء المُتعددة, وإستمرار إستغاثته بالعناصر الإخوانية في تركيا, وخاصةً العناصر التي يتم تدريبها للزج بها في الصراع السوري والليبي.
خامساً: معرفة بعض الدول إحتمالية الإنقلاب قبل حدوثه
1- روسيا: رغم الموقف التركي المُعادي لـ روسيا, والموقف المتبادل من الإدارة الروسية, قامت الإدارة الروسية قبل الانقلاب بأيام قليلة بإصدار تصريحات بعودة السياحة الروسية مرة أخرى الى تركيا, وهو الأمر الغير مقبول عقلياً بأي شكل, نتيجة عدم تعويض النظام التركي, عن الطائرة التي تم إستهدافها منذ أسابيع على الحدود السورية, كما عدم تعويضهم عائلة الطيار الروسي.. بالاضافة إلى الأدلة الواضحة بتمويل تركيا لمعركة اليرموك ضد الجيش السوري, المدعوم من روسيا لدرجة الدفاع المُشترك !, مما يؤكد بطبيعة الحال أن روسيا تعلم أن تركيا أو على الأقل النظام الحاكم, نظام مُعادي من الدرجة الأولى, وبالتالي كان التصريح بعودة السياحة الروسية, أشبه بالخداع الاستراتيجي (للمدرسة المصرية), والأمر الأكثر قابلية للتصديق هُنا, هو معرفة روسيا لما سيحدث, وبسط الورود أمام أردوغان للجوء لروسيا, في عملية إستخبارتية ذكية, لمعرفة أدق أسرار الإرهابيين على الأراضي السورية, وتقويضهم إن لم يكن القضاء عليهم.. والقرار الروسي, رغم صدمة المُجتمعات الشرق أوسطية به, لم يلقى بالاً لدى النظام المصري أو السوري كما كان ظاهر جلياً على الساحة, وهو ما يؤكد أن بواطن الأمور في الانقلاب التركي تحمل في طياتها الكثير, إن لم يكن في الحاضر ففي المُستقبل القريب.
2- أميريكا: قامت جريدة أميريكية منذ ثلاثة أشهُر بنشر خبر بعنوان ضخم (أردوغان قد يسعى لعمل إنقلاب شكلي لبسط سيطرته والتخلص من المعارضة), ومهما كانت تفاصيل هذا الخبر, فإن طبيعة الحال هُنا هو معرفة الولايات المُتحدة لما يُحاك في الداخل التُركي, وهذا يُفسر سُرعة بث الصور التي أعتبرها مُفبركة لإحباط الإنقلاب وتثبيط الجنود, كما سُرعة تحرُك بعض العناصر من المُعسكرات التدريبية للعناصر الإرهابية في تُركيا برعاية أردوغان ذاته (والتي كانت نتائجة تتلخص في ذبح جُندي تُركي, ومقتل العشرات بين صفوف الشرطة والجنود), ويبدو أن التحذيرات الأميريكية قابلها (عنطظة) تُركية, مما أدى للجوء لنشر هذا الخبر, وتوصيلة بالقصد لقيادات الانقلاب, وفي الوقت الذي كانت فيه الميليشيات التركية تتجهز, لتُثبت للإدارة الأميريكية مدى قوة النظام الأردوغاني, قبلت قيادات الانقلاب التحدي, وعَملت جميع الأطراف وصولاً إلى لحظة الصفر.
كل ما سبق, ليس بالضرورة وضع الزامي, فكما أسلفنا طبيعة الجيل الخامس من الحروب مُتغيرة حسب الظروف, والمعلومات المتاحة, والاشاعات المقصودة, ويبقى الوضع القائم غير واضح الملامح طالما الرئيس التُركي هارب بعيداً عن القصر الرئاسي بالعاصمة التركية, ولكن المؤكد أن التصريحات والمواقف الروسية حسب التقرير السابق أقرب للحقيقة, كما أن الموقف المصري الخاص ببيان مجلس الأمن الدولي يحمل في طياته الكثير من السيناريوهات المُستقبلية, والتي في أساسها تؤثر سلباً على الوضع المُتأزم في سوريا, العراق, ليبيبا, غزة.