نظرة مدنية «في عالم التجسس» والسيطرة المخابراتية




حمدي الشامي

حمدي الشامي يكتب لـ حق الوطن 

نظرة مدنية «في عالم التجسس» والسيطرة المخابراتية 


كتب مؤسس جهاز التحقيق الفيدرالي الأميريكي FBI - جون إدجار هوفر- في مذكراته عن نشأة الجهاز, وتطوره من مكافحة الجريمة المُنظمة العابرة للولايات, الى مرحلة الأمن الوطني الأميريكا كاملًا بما في ذلك الإرهاب والقرصنة الالكترونية...الخ. وشملت المذكرات في مراحل تطور الجهاز سعيه للحصول على سُلطات أعلى تُتيح له قُدرة أفضل في العمل. ومع تطور الأمر جنح «هوفر» كثيرًا - مع العلم أنه أول من إستخدم مدرسة التوجيه الصحفي والإعلامي لصالح الجهات الأمنية - , وبدأ في إستغلال سُلطاته في أمور سياسية, حيث إستطاع خلال فترة توليه مسؤلية FBI أن يصنع أرشيف كامل عن كل من له تطلعات للكونجرس الأميريكي أو حتى الرئاسة الأميريكية, نعم, لقد كان يملُك ملف عن كل شخص مهما صغُر حجمه. 


إستطاع «هوفر» أن يظل في منصبه قُرابة 48 عام كامل ! , ورغم محاولات إقصاءه تحسبًا لما يملُك من سُلطات وملفات, أو محاولًة لضخ دماء جديدة, إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل, فقد كان يملًك ملفات, وأفلام, وتسجيلات تيليفونية عن الجميع. ولم يترك مكانه إلا بوفاته, وفي هذة اللحظة ترك تعليمات لمديرة مكتبه بحرق كل الأرشيف الذي كان قد أسسه. ما تقدم من إيجاز, يوضح مدى فعالية السيطرة المخابراتية, على أي شخص مهما بلغ منصبه, حتى لو كان رئيس الولايات المتحدة الأميريكية, ما أسال لُعاب أجهزة العالم لإستخدام هذا الأسلوب, وتطور الأمر لإستخدامه على مستويات أوسع «في السيطرة المخابراتية», إذ لم يقتصر الأمر على المتابعة وأرشفة الملفات والفيديوهات والمكالمات التيليفونية فقط, بل وصل الأمر للإستقطاب وصناعتها أيضًا. 


في عام 2011 تم إيلاج قدر ضخم من المعلومات بشأن طُرق التجنيد والسيطرة المخابراتية, ورغم أن هذا الأمر كان غرضه توعوي للحيلولة دون وقوع رموز المجتمعات الحاضرة والمُحتملة في هذا البئر المُظلم, إلا أن المُخططين لمثل تلك الأمور - الساعين لتجنيد رموز المُجتمع وعدد من بين طوائفه - كانو على قدر من التطور اللئيم, بصناعة جذب مالي يترتب عليه صناعة ملفات ابتزاز كافية لتجنيد أفراد جُدد من بين فئات المُجتمع المُختلفة, لا سيما الفقراء. فمثًلا «مثال تقريبي لطريقة العمل», في إحدى قُرى مصر البعيدة, وبطريقًة ما, وضعت فتاة ثلاثينية يدها على برنامج «بث مُباشر» براتب 1,200 ج.م شهريًا, واطمأنت بأن «وجهها» غير مكشوف عند إستخدامها للبث, ما يعني, التمهيد لما هو أكبر وحسب المبالغ التي قد يتم عرضها. ما هو أشبه بالقضية المعروفة لفتاة التيك توك «حنين حسام»,فحتى وإن تم تغطية الوجه, يُمكن إبتزاز أي فتاة بدلائل عن شخصيتها في تفاصيل غُرفة العرض. 


إستهداف المُجتمعات مُخابراتيًا أمر في غاية الخطورة, وطُرق التجنيد بهذة الأمور, سواء الدفع بـ «فتيات وسيدات» لصناعة ملفات لشخص ما, أو بإستقطاب فتيات بسبب الحاجة للمال, أمر ينتهي عادًة بسيطرة وتطويع عن بُعد, في أمور تستهدف الأمن القومي للبلدان, ما يأتي بعلامات إستفهام مُجاب عنها مُسبقًا عن مواقف بعض الأشخاص, سواء كانت مواقف عدائية مُبالغ فيها, أو كانت مواقف غير مُبررة وإصرار عليها, وعلى الأصعدة الدولية نستطيع ذكر إسم «تميم» من دولة قطر, «والصحفيين المصريين» بدولة تُركيا, ونستطيع ذكر «أردوغان» وغيرهم من شخوص, أما على الأصعدة المحلية, فقد تم جَمع كافة الأدلة التي تمنع الغرض من السيطرة على الصحفيين والإعلاميين ورموز المُجتمع في الداخل المصري, وبذلك بدأت حالة يُمكن وصفها بـ «شبه سكون العملاء», ومع ذلك, يجب علينا جميعًا أن نعلم, بأن ميكانيزم «طريقة عمل» برامج البث المباشر, أم يستدعي الشك بأن ما بدأ لم ينتهي, وهُناك سعي حثيث وخبيث لإستقطاب أكبر عدد مُمكن من المصريين بـ «السيطرة والتطويع» لإعادة ما كان من تخريب.. ويبدأ الأمر بمكالمة تيليفون, أو فيديو بث مباشر أو واقعة فساد مهما كانت بسيطة. في المُجمل, أي طريقة وأي شئ لصناعة ملف يُبتز به الفرد لأغراض تخريبية مشبوهة.


قد يكون الهدف هُنا, شخص عادي, يتم تدريبه فيُصبح ناشط سياسي تحت الأمر والطلب, وقد يكون مسئول حكومي بصرف النظر عن درجته الوظيفية حتى ولو موظف عادي, وقد يكون نائب برلماني, وقد يكون قيادي أو مجموعة قيادات بحزب سياسي.. وقد يكون أي شخص مُستهدف بهذا الأمر, الذي إن لم ينتهي بإستغلال تخريبي, فينتهي بتدمير هوية مُجتمع.




التعليقات
1 التعليقات

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

تحيا مصر